وهل في المآتم ود؟!
صالح عوض
افتتاحية صحيفة الشروق
الجزائر: 06-01-2011
قبل يومين تحدث خالد مشعل الى تلفزيون فلسطين من بيت عزاء أقيم اثر وفاة شقيق الرئيس الفلسطيني، وقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: جئنا لنؤكد أننا أسرة فلسطينية واحدة وعائلة واحدة وهذه المصائب تجعلنا نقترب من بعضنا البعض لتوحيد شعبنا.. وبعده تكلم رمضان شلح، أمين عام حركة الجهاد الاسلامي قائلا: إننا جئنا لنؤدي واجب العزاء ولنقول ان الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• وقبل ذلك بمدة طويلة عندما استشهد ابن الدكتور الزهار اتصل أبواللطف وسواه من قادة فتح بالدكتور وأعربوا عن عزائهم البالغ، مؤكدين اننا ابناء شعب واحد وأخلاقنا تدعو لكي نكون عائلة واحدة في الملمات.
• لو كنا في جزر (الهنولولو) -وليس لدينا وسيلة اعلام ولا نمت لهذه المنطقة بصلة- وجاءتنا هذه القصة لاعتبرنا ان الفلسطينين غاية في الرقي الأخلاقي والوعي السياسي، ولعملنا على تدريس موقفهم هذا لأبنائنا في المدارس وجعلناه قدوة لكل مناضل من أجل شعبه..
• ولكن لسوء حظ هؤلاء السياسيين اننا نعيش بين ظهرانيهم ونكتوي بنار تحزبهم وتنازعهم أمر الشعب.. فقبل أيام قليلة وقف الدكتور الزهار وهو عضو المكتب السياسي لحركة حماس يعلن ان السلطة في رام الله عميلة خائنة، ولا تتوقف الآلة الاعلامية لحماس من وصف السلطة ومن على رأسها بأبشع التهم، ولم يتردد أي مسؤول اعلامي لحماس من تكرار اللازمة بأن السلطة في رام الله تشتغل ضمن أجندة اسرائيلية.. ولا يتردد كثير من الناطقين الرسميين في رام الله عن حديث يحمل حماس مسؤولية الحصار ويتمنى لو أصبح لا يرى حماس في الوجود.
• هنا نصرخ نحن المعذبين من ابناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والاسلامية الذين ملأ القيح أذاننا جراء ما سمعنا من اطراف التنازع الفلسطيني من تهم.. وهنا نريد ان نناقش الموقف بهدوء.. هل يجوز لإخوة في بيت واحد ان يتراشقوا بالاتهام والخيانة والعمالة.؟! ماذا بقي بعد؟ ان الاتهام بالخيانة والعمالة هو اعلان عن هدر الدم وبالفعل قد أهدر الدم الفلسطيني بأيدي فلسطينية، فما هو طعم الكلام المعسول الذي جاء على لسان السيد خالد مشعل وهل الآن فقط تذكر اننا عائلة واحدة.. قد يجوز هذا في سلوك المخاتير والعرف، أما في السلوك السياسي المسؤول فهو لا يجوز ابدا، فلئن كان فعلا أبو مازن وسلطته عميلين، فلا يجوز تقديم العزاء لهما بأي شكل من الأشكال، ولا تجوز الدعوة للتوحد معه.. بل اعلان الحرب وعلى الأقل الهدنة.. أما إن كان أبو مازن رئيس سلطة، والذي بيننا وبينه مجرد خلاف كما جاء على لسان شلح، فإن الأمر فعلا يحتاج الى موقف جريء شجاع يفيد بأن كل ما تم من تماد في إشعال نار الفتنة الداخلية والتراشق بالتهم كان مراهقة سياسية وسلوكا غير مسؤول دفعنا نحن ابناء الشعب والأمة ثمنا غاليا له، فماذا كان يفعل بنا هؤلاء؟!